في رواية ( الوحل ) التي تحمل شخوصها علامات رمزية بدءً من أسمائها الغريبة مروراً بسلوكها وتركيبتها النفسية ( فالإرادة ) هنا لها معنى الذات ، ولها معنى الداخل ، أي أن الروائي يحاول إختزال المأساة من خلال تراتبية الأجزاء الصغيرة للأحداث ..

ويحاول أن يؤطر المعاني العامة في دائرة الخاص وتتجسد تلك الآلية حينما تبدأ مشاهد البوح الذاتي المعزز بالمنولوجات التي ترد على لسان الشخصيات كشخصية ( سراقه ، الحوذي ) وبعض الشخصيات الأخرى التي تحرٌك أحداث الرواية وذلك يأتي إنطلاقاً من ذاتيته المعلنة ( أرقاً ، وهماً ، ووهماً ) والفعل التقني الروائي وانتماءه المستخدم في هذه الرواية يشكل تطوراً متنامياً لحقيقة التوالد الحداثي الذي يهدف التميمي تحقيقه عبر نتاجاته الروائية ، فهو يحاول في كل رواية أن ينحت هيكل معماره مستنداً على تفعيل اللغة الأدبية التعبيرية إلى جانب الفعل الدرامي بحيث يكونا في ميزان واحد من حيث اشتغالاتهما في توظيف المعنى وأن تكريس آليات الحداثة سواء في هذا النص أو غيره للمؤلف المذكور إنما هو ناتج عن إيجاد مساحة الإرتكازات التي تتولد عن مجموع التجارب العملية والتلقي النظري والنقاش الذهني والمرئيات التي تلتقطها بصيرته من مجمل الواقع الدائر حولنا ..

وفي سياق تطور الأحداث المفضية إلى تمظهر معنى ( الوحل ) من خلال بعض المشاهد المثيرة التي يتعمق المؤلف أحياناً في وصفها حتى يصل لمرحلة الإستغراق في سرد التفاصيل الصغيرة للحدث ، فالعمل عند التميمي يتعاطى مع حيز ( فنتازي ) بوصف الأخير الرابط بين الداخل والخارج وقد تماهت آلية توظيف اللغة مع اطار الطرح المستخدم وإن تقاطعت بعض الخيوط الدلالية في مواضع عدة ، بيد أن التعبيرية التي اعتمدها الروائي في سرده اتجهت اتجاهاً عبثياً وتلقائياً في ذات الوقت ، فهو يجسد في بعض مقاطع الرواية حالة من التصوير غير المباشر لحالات حياتية مختلفة وذلك يعد حالة ( لتأكيد الذات ) أو يمكن أن نسميها ( تأكيد حضور ) أو أنها محاولة للتشديد على ( العصرنة ) والعمل يتجسد هنا بتقنية روائية خالصة تستند إلى اشتغالات اللغة وتشظيات المعنى وفلسفة الأشياء الواردة في المشهد ..

ويمكن اعتبار ذلك اختبار قد يتعدى أو قد لا يتعدى أفق التجربة وذلك متروك لحركة الزمن والنشاط النقدي الذي يجب أن يستخلص أهم معطيات ذلك الاختبار ، ومنذ بداية الرواية يوقفنا المؤلف على مقاطع سردية يتجلى فيها أثر المكان في بناء الشخصية الرئيسية لحكاية الرواية ..